ReaL_LovE
عدد المساهمات : 179 تاريخ التسجيل : 18/12/2009 العمر : 33 الموقع : مبلط فى منتديات تملى معااااااك
| موضوع: طائر وسمكة الأحد ديسمبر 20, 2009 10:45 am | |
| حين نظرت إليه لأول مرة لم يلفت انتباهي أى شىء فيه , كان عندى طائرا ككل تلك الطيور التي تأتي لتحلق فوق هذا البحر الشاسع .. وتقف على أغصان تلك الشجرة التي تمتد فروعها أمام شرفتي , لكني مع الوقت ..تأملته ..فرأيت أمامي طائرا فريدا من نوعه ... لا أدري في أى شىء لكني عرفت ذلك , كم شعرت أنه يشبهني في كثير من النواحي , ويوما بعد يوم .. أصبحنا صديقين مقربين , كان يحزن عندما أحزن وإن اختلف سبب الحزن , ويفرح حينما أفرح وإن اختلف سبب الفرح , كنت أستمتع كثيرا وأنا أراقبه وهو يطير حرا في الأفق البعيد ..فوق هذا البحر الهائج المضطرب , يأتي ويروح مغنيا فرحا ... كنت أحييه بابتسامة , وهو يجيبني بغنائه العذب..
وذات يوم , عدت فرحة فاشتقت إلى صديقي العزيز لأبثه سعادتي , أسرعت إلى شرفتي , نظرت إلى ذلك المكان الذي اعتاد الوقوف عليه وهو يشاركني أحلامي , فوجدته هناك , لم ينتبه إلى حين ناديته وكلمته , بل ظل ينظر تجاه البحر. ولم يجبني , بل إنه لم يلتفت إلى ولم يحيني كعادته , فشعرت بحزن يتسلل إلى قلبى حين وجدته فى هذه الحالة ..
سألته الكثير من الأسئلة .. " هل من شىء أساعدك به ؟ أخبرنى لم أنت حزين ؟ لم أنت شارد هكذا ؟ لم لست اليوم سعيدا مثلي ؟ ظننت أننا روح واحدة ....مالذي حدث لك ؟ "
سألته كل تلك الأسئلة لكن الكلمات أبت الخروج من فمي , فوجدته قد نظر إلى وفي عينيه ترقرقت دمعة حزينة عرفت معها السبب ...
علمت أن هذا الحزن لأن قلبه قد أسر .. أسره الحب وأوقعه فى شباكه , أخذ هذا الطائر الذي تغيرت ملامحه والذي ظننت يوما أني عرفته .. أخذ يشكو حنينه إلى من يحب , سمعته فازداد حزني وهممت بالبكاء ..
حلمه أمامه وليس أمامه , قريب منه لكنه أبعد ما يكون عنه , حنين دائم , شوق شديد , حب جامع , حزن وحيد , أحاسيس شتى ..اجتمعت كلها فى جوف طائر , تعلق قلبه بسمكة فى بحر هادىء , كان يقضي يومه محلقا فوق هذا البحر منتظرا أن تقترب من سطحه فيتمتع بنظره إليها ...كان يرقص قلبه حين براها , ويشتد فرحه حين تحدثه , ويعظم شوق قلبه حين تغيب عن عينيه ...
كم كان يتمنى لو اختطفها من بحرها ليحلق بها فى سماء الحياة , ويعيش معها فى أرض الوئام , كم نازعته نفسه أن يقترب ليقول لها حقيقة ما في قلبه , كم أخبرتها عينيه , وهمس قلبه في لهفة وتردد قائلا بصوت لا يسمعه سواها ...أحبك ..
وكما كان بارعا في إيصال همسات قلبه وحنين عينيه , كانت كلما رأته يأخذها ما يأخذ مثيلاتها من سعادة ودلال ...وكلما تسمعه تشعر بقلبها ينبض لكن في خوف , وكانت بارعة في إخفاء ما بداخلها .. كلماتها تحمل فى طياتها إشفاق ممزوج بحزن , ونظراتها لا تحمل سوى خوف جبان يخشى الظهور ...
وها هو ذا يقترب من بحرها , يرغب في إمساكها , يريد أن يلمسها , فإذا بجناحه يضطرب , وسمكته تختفي بين أمواج البحر التي أخذت في الإرتفاع , وإذا بضوء الشمس قد اختبأ وراء تلك الغيوم التي بدأت تتزاحم في الأفق , وذلك الطائر حيران مضطرب , تتقاذفه الريح تريد أن توقعه , ويرتفع موج البحر يريد أن يغرقه ... وكأن غضب عارم قد صب عليه , وكأن الدنيأ أخذت تنقلب من حوله ....
عاد الطائر المجروح إلى غصن شجرتي , حينها تسلل ضوء الشمس من خلف الغيوم التي بدأت تختفي وعاد إلى البحر هدوءه وسكونه ...
حينها عرف سبب الخوف في نظراتها , وأدرك أن إشفاق كلماتها الحزينة لأنها أسيرة بحرها ... ذلك البحر الهادىء الهائج , ذلك البحر الواسع الضيق , هى في أسرها لم تشتك يوما .. وعلى الأرجح لن تفعل أبدا ...
عرف ذلك الطائر أنه لن يسمع صدى حبه , فأتى حزن دفين على قلب هذا الطائر الصغير واقتسم هذا الحزن مع قلب سمكته الصغيرة , انتظر هو وانتظرت هى يوما تعيش فيه معه ويعيش فيه معها , بلا خوف , بلا حزن , بلا قيود .. في حياة هادئة ..يظلها الحب بظلاله , وتشرق فيها شمس السعادة فى سماء الصفاء والمشاعر , وشوق ينبت في أرض الوئام ...
التفتت عيني إلى البحر ....ناجيت تلك السمكة التي توافق نبض قلبها المتعب مع دقات قلبي الحائر , وقررت الانتظار أنا أيضا ... انتظار يوم جديد أراه فيه , لأقول له ما بداخلي , لأعلمه حقيقة مشاعري ...لكن الكلمات لا تزال تأبى الخروج من فمي ...
| |
|